من روائع القصص

 

قصة العشق التي فتحت مدينة دمشق
(يونان العاشق)



يذكر أنه لمَّا حاصر "خالد بن الوليد" رضى الله عنه مدينة دمشق إحدى القلاع العظمى للروم في تلك الفترة,وقد اشتدَ الحصار على المدينة كي تستسلم ومضى عليه أكثر من شهر ولم يتغير شيء على أرض الواقع,حدث أمر غريب يسره الله للمسلمين كي يكون عوناً لهم على النصر بعد أن قاربوا على فقد الأمل.

يونان العاشق
الحادثه أنه جاء رجل من الروم وقد خرج من حصن دمشق وقلاعها ويُدعى "يونان بن ماركوس"
,هذا الرجل كان يُحب فتاة من الروم وكانت جميلة جداً وأراد خِطبتها لكنَّ زعيم الروم في تلك الفترة وكان إسمه “نسطورس” رفض هذا الزواج, وبقي “العاشق يونان” –كما كان يدعوه المسلمون آنذاك- متحيراً في أمره,حتى خَطرت بباله فكرة اللجوء الى "خالد بن الوليد" رضى الله عنه,وقد قصَّ عليه قِصته بحب هذه الفتاة,وسمع منه "خالد بن الوليد" رضى الله عنه ووعده أن يزوجه الفتاة بشرطين,
الأول أن يُسلم والثاني أن يساعد المسلمين في اقتحام أسوار دمشق,ولما أحسَ "يونان" الصدق في كلام "خالد" وافق على الفور علّهُ يتزوج من محبوبته,ونطق بالشهادتين وأخبر "خالد" بأنه إن أراد أن يقتحمَ دمشق فالليلة هي أفضل الأوقات,فقائد الروم يُعدُ لحفلٍ ساهرٍ فيه من السُكر والرقص الكثير,وسيكون القادة والجنود في سكرٍ ورقص إلى الصباح وقد دَلهُ على أماكن الحراس القلائل الذين سيتخلفون عن الحفل,وقد اقتنع "خالد" بالفكرة ولأن الوقت ضيق وليس هناك مجالٌ لإخبار بقية الجند من المسلمين الذين كانوا يحاصرون دمشق من كلُ جهة,قرر أن يدخل دمشق من جهته من "الباب الشرقي" وحده مع نخبة من عسكر المسلمين,وقد ربط السلالم والحبال على الأسوار وصعدت نخبة من المقاتلين المسلمين الى أسوار دمشق ووجدوا ما قد أخبرهم به "يونان" من سهر وسكر وقِلة في الحرس,فقتلوا ما وجدوا أمامهم وهموا إلى الباب من جهة "خالد" وفتحوه,ودخل "خالد"من الباب ونشبت معركة كبيرة عنده وفي داخل المدينة,وبدأ "خالد" يتقدم في المعركة إلى وسط دمشق,

الخطة الخبيثة للروم
عندها أحس الروم بالغلبة للمسلمين وأنهم مهزومون لا محالة والقتل مصيرهم فهَمَّ قائدهم لطلب الصلح مع "أبي عبيدة عامر بن الجراح" رضي الله عنه والذي لم يكن يعلمُ بتحرك خالد لأنه كان على جهة أخرى من المدينة عند باب" الجابية"وفعلاً وافق "أبو عبيدة" على الصلح على أن يخرج الروم من المدينة أحياء أو يدفعوا الجزية إن بقوا فيها,ودخل "أبو عبيدة" المدينة مصالحاً وفي الجهة الأخرى "خالد" يدخلها محارباً ..وكلٌ لا يعلمُ بفعلِ الآخر,وعندما التقيا استغرب كلٌ لفعل الآخر ودار جدال ( لأن دخول خالد بالصلح يعني أن كل ما في المدينة غنيمة للمسلمين )

وفي النهاية  أقرَ "خالد" بصلحِ "أبي عبيدة عامر بن الجراح" رضى الله عنهما مع الروم,وكان الصلح يقتضي
«بأن يخرج الروم خلال ثلاث أيام من المدينة بأموالهم و ممتلكاتهم المحمولة ولا يحملون  معهم إلا سلاحهم الفردي وبعد الثلاث أيام لا عهدَ معهم ولا صلح,وقد خَسرَ المسلمون غنائم الروم لأن الصلح يقتدى ذلك».

“العاشق يونان” توجهة إلى محبوبته يخطبها ولما عرفت أنه أسلم رفضت الزواج منه وخرجت مع جيش الروم إلى خارج دمشق ثم إلى أقرب حصون الروم في تلك المنطقة,عندها جُنَ جنون "يونان" على حبيبته وتوجهة إلى "خالد" يطلب منه أن يوقف الصلح أو أن يهاجم الروم ويخطف له حبيبته فرفض "خالد" ذلك وقال له بأن بيننا وبين الروم صلح لا ننقضه,وظل يُلحُ على "خالد" رضى الله عنه بالأمر و"خالد" يرفض ذلك,فأشار عليه أن يلحق بهم بعد الثلاث أيام ويأخد غنيمتهم وينتقم منهم من الخديعة التي فعلوها مع "أبي عبيدة" لكن "خالد" أخبره أن بعد الأيام الثلاث هذه سيكون الروم قد اقتربوا جدا من مواطن حصونهم وسيكون من المستحيل اللحاق بهم
,فأخبره "يونان" بأنه يعرف طريق مختصرة توصله إليهم قبل وصولهم الحصون,عندها اقنتع "خالد" بهذه الخطة ووافق "يونان" على رأيه,وخرج بجيش صغير من 5 ٱلاف مقاتل ومضوا في طريق وعرة,وفعلاً وصلوا إلى أفواج جيش الروم الخارج من دمشق قبل وصولهم إلى حصونهم المركزية ودار قتال عنيف بين جيش صغير من المسلمين مع جيش كبير من الروم,لكن التعب وقلة سلاح الروم كانت عوامل هزيمة لهم وفعلا هزمهم "خالد" وأخذ غنائمهم التي أخذوها معهم من دمشق والتي كانت كبيرة وعظيمة.
وعلى الفور توجه "يونان"  مباشرة إلى حبيبته لكنها لما علمت أن يونان ساعد المسلمين مرة أخرى على ما حدث,قتلت نفسها حتى لا تتزوجه,وكانت هذه خاتمة حٌبٍ يسره الله للمسلمين كي يُفتح به دمشق.

يذكر التاريخ بأن "يونان" حَسُنَ إسلامه وقاتل مع المسلمين حتى لقي الله شهيداً في معركة اليرموك

المصدر 📖 
البداية والنهاية للحافظ بن كثير
             
فتوح الشام ..للواقدي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

°ثقافه سيدنا عمر الفاروق°

(سيدنا عمر في بيته)

قوانين منظومة المخابز البلديه